أبعاد النظام المعرفي ومستوياته

لا بد أن تطرح كل أيديولوجيا نظامها المعرفي الخاص بها حيث تمثل مقولاتها شبكة تفسيرية واضحة تدعم القدرة على الفهم الشمولي والفعل المؤثر في آن. بيد أننا نذهب إلى أن النظام المعرفي في الإسلام لا ينبثق من أيديولوجيا سابقة لأن كل أيديولوجيا لا تخلو –بقدر ما– من يزييف نسبي للوقعي إذ تتبنى، عن عمد، زاوية مح...

Full description

Bibliographic Details
Main Author: وليد منير
Format: Article
Language:Arabic
Published: International Institute of Islamic Thought 1999-10-01
Series:الفكر الإسلامي المعاصر
Online Access:https://citj.org/index.php/citj/article/view/1797
id doaj-d777a9b074bd448db0c5add675abd020
record_format Article
spelling doaj-d777a9b074bd448db0c5add675abd0202021-10-03T21:41:14ZaraInternational Institute of Islamic Thoughtالفكر الإسلامي المعاصر2707-515X2707-51681999-10-01518أبعاد النظام المعرفي ومستوياتهوليد منيرلا بد أن تطرح كل أيديولوجيا نظامها المعرفي الخاص بها حيث تمثل مقولاتها شبكة تفسيرية واضحة تدعم القدرة على الفهم الشمولي والفعل المؤثر في آن. بيد أننا نذهب إلى أن النظام المعرفي في الإسلام لا ينبثق من أيديولوجيا سابقة لأن كل أيديولوجيا لا تخلو –بقدر ما– من يزييف نسبي للوقعي إذ تتبنى، عن عمد، زاوية محددة للنظر يفضي تغليبها على زوايا النظر الأخرى إلى اعتبار الجزء المرئي من الحقيقة بمثابة الحقيقة كلها. وهنا يكمن الاختلاف الأساسي بين الأيديولوجيا والعلم. ينبع النظام المعرفي في الإسلام من تحاور المنظورات المختلفة داخل سياق واحد يجد مردوده الأصيل في مفهوم "التوحيد" وتتمثل تأسيساته الجذرية في التفاعل الزمني المتبادل بين ثلاثة أطراف: الله، الكون، الإنسان. ويعلن هذا التفاعل الزمني عن نفسه بصور شتى في النص الذي يعد مرجعاً مهيمناً على ما سواه، إذ يمتلك فضاءً واسعاً من الاستجابات المرنة لأفعال التاريخ التي تعثر بدورها على مفهوماتها الكبرى ووظائفها المتجددة في النص، وبه، وعبر امتداداته. وإذا كان العلم هو الضد المباشر للأيديولوجيا، فإن النص، هنا، لا يعني – في جوهره – العلم كما نعرفه أو نعرِّفه، ولكنه يعني فضاء القيم الثابتة التي تشمل وقائع العلم بعد تجريدها من تعارضاتها المتحولة ومن تبدياتها الجزئية بحيث تصبح النتائج الأخيرة للوقائع العملية إشارات إبى الحقيقة الكلية التي تمثلها هذه القيم الثابتة. لذلك نستطيع أن نقول إن العلم يبدأ من نقطة تقع المعرفة وراءها. ولما كان العلم هو تاريخ الخطأ المصوّب كما يقول باشلار، فإن المعرفة – وفقاً للمفهوم الإسلامي عنها – هي المدى الذي تلوح في أقصاه جملة التصويبات التي تشكل الحقيقة الأخيرة للمعنى. وبذلك يكون النظام المعرفي الإسلامي مكوناً من أربعة أبعاد هي: الوحي، الكون، العقل الإنساني، التاريخ. تناظر هذه الأبعاد مستويات أربعة تمثل تدرجات الفعل، وتعبر عن دور الممارسة في نظرية المعرفة هي: الوعي، والمادة، والتفسير والتأويل، والحدث في الزمان والمكان. إنّ المعرفة سبيل إلى التعارف، والتعارف سبيل إلى الفعل، والفعل سبيل إلى التقويم. هكذا يكون الله تعالى مصدؤ جميع التسلسلات على هذا النحو: الله – فعل الله – الكون الوسيط – معرفة فعل الله – تعارف الذوات المدركة – فعل الذوات المدركة – تقويم هذا الفعل بواسطة الله. يقول تعالى: ﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ (النمل: 93). ويقول:﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13) ... للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF  في اعلى يمين الصفحة. https://citj.org/index.php/citj/article/view/1797
collection DOAJ
language Arabic
format Article
sources DOAJ
author وليد منير
spellingShingle وليد منير
أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
الفكر الإسلامي المعاصر
author_facet وليد منير
author_sort وليد منير
title أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
title_short أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
title_full أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
title_fullStr أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
title_full_unstemmed أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
title_sort أبعاد النظام المعرفي ومستوياته
publisher International Institute of Islamic Thought
series الفكر الإسلامي المعاصر
issn 2707-515X
2707-5168
publishDate 1999-10-01
description لا بد أن تطرح كل أيديولوجيا نظامها المعرفي الخاص بها حيث تمثل مقولاتها شبكة تفسيرية واضحة تدعم القدرة على الفهم الشمولي والفعل المؤثر في آن. بيد أننا نذهب إلى أن النظام المعرفي في الإسلام لا ينبثق من أيديولوجيا سابقة لأن كل أيديولوجيا لا تخلو –بقدر ما– من يزييف نسبي للوقعي إذ تتبنى، عن عمد، زاوية محددة للنظر يفضي تغليبها على زوايا النظر الأخرى إلى اعتبار الجزء المرئي من الحقيقة بمثابة الحقيقة كلها. وهنا يكمن الاختلاف الأساسي بين الأيديولوجيا والعلم. ينبع النظام المعرفي في الإسلام من تحاور المنظورات المختلفة داخل سياق واحد يجد مردوده الأصيل في مفهوم "التوحيد" وتتمثل تأسيساته الجذرية في التفاعل الزمني المتبادل بين ثلاثة أطراف: الله، الكون، الإنسان. ويعلن هذا التفاعل الزمني عن نفسه بصور شتى في النص الذي يعد مرجعاً مهيمناً على ما سواه، إذ يمتلك فضاءً واسعاً من الاستجابات المرنة لأفعال التاريخ التي تعثر بدورها على مفهوماتها الكبرى ووظائفها المتجددة في النص، وبه، وعبر امتداداته. وإذا كان العلم هو الضد المباشر للأيديولوجيا، فإن النص، هنا، لا يعني – في جوهره – العلم كما نعرفه أو نعرِّفه، ولكنه يعني فضاء القيم الثابتة التي تشمل وقائع العلم بعد تجريدها من تعارضاتها المتحولة ومن تبدياتها الجزئية بحيث تصبح النتائج الأخيرة للوقائع العملية إشارات إبى الحقيقة الكلية التي تمثلها هذه القيم الثابتة. لذلك نستطيع أن نقول إن العلم يبدأ من نقطة تقع المعرفة وراءها. ولما كان العلم هو تاريخ الخطأ المصوّب كما يقول باشلار، فإن المعرفة – وفقاً للمفهوم الإسلامي عنها – هي المدى الذي تلوح في أقصاه جملة التصويبات التي تشكل الحقيقة الأخيرة للمعنى. وبذلك يكون النظام المعرفي الإسلامي مكوناً من أربعة أبعاد هي: الوحي، الكون، العقل الإنساني، التاريخ. تناظر هذه الأبعاد مستويات أربعة تمثل تدرجات الفعل، وتعبر عن دور الممارسة في نظرية المعرفة هي: الوعي، والمادة، والتفسير والتأويل، والحدث في الزمان والمكان. إنّ المعرفة سبيل إلى التعارف، والتعارف سبيل إلى الفعل، والفعل سبيل إلى التقويم. هكذا يكون الله تعالى مصدؤ جميع التسلسلات على هذا النحو: الله – فعل الله – الكون الوسيط – معرفة فعل الله – تعارف الذوات المدركة – فعل الذوات المدركة – تقويم هذا الفعل بواسطة الله. يقول تعالى: ﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ (النمل: 93). ويقول:﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13) ... للحصول على كامل المقالة مجانا يرجى النّقر على ملف ال PDF  في اعلى يمين الصفحة.
url https://citj.org/index.php/citj/article/view/1797
work_keys_str_mv AT wlydmnyr ạbʿạdạlnẓạmạlmʿrfywmstwyạth
_version_ 1714214056441675776